الاثنين، 25 أغسطس 2014

مفهوم إدارة المعرفة :



المقدمة :
أدت التكنولوجيا دورًا بارزًا في التحول الاقتصادي والنمو الاجتماعي والتغيير الشامل لكل نواحي الحياة. كما اعتبرت العنصر الأكثر أهمية في الإنتاج والاستثمار, بل اعتبرت موردًا ثريًا لكثير من الدول وتكلفة عالية لدول أخرى , ولا تقتصر التكلفة على الأجهزة والمعدات فحسب، بل وعلى البرمجيات والنظم الجاهزة والصيانة والتدريب.وفي عصرنا الحاضر ازدادت أهمية التكنولوجيا العالية جدًا لتحصل نقلة سريعة نحو عنصر آخر أكثر أهمية, وهو العنصر البشري ولتصبح معه التكنولوجيا وسيلة تساعد في إدارة معرفته. لقد أصبحت المعرفة المتمثلة بالخبرة الإنسانية والقيم والمعتقدات والمهارات حاليًّا من أكثر العناصر فاعلية وتأثيرًا في عصر اكتسب تسميته من سيادتها. وبالفعل تعد المعرفة حاليًّا من أنفس الموارد التي تعتمدها المؤسسات في الإنتاج أو في تقديم خدماتها.     

1-2 : مفهوم إدارة المعرفة :
جذبت إدارة المعرفة اهتمامات العديد من المختصين في مجالات متعددة وانعكست تلك الاهتمامات في دراساتهم ووجهات نظرهم حول مفهوم إدارة المعرفة. فهناك من نظر إليها كمصطلح تقني, وآخرون عدوها موجوداً غير ملموس والبعض تناول مفهوم إدارة المعرفة من زاوية كونها ثقافة تنظيمية وآخرون عرفوها من منظور مالي, وبعضهم الآخر ركز على إعطاء مفهوم لإدارة المعرفة من زاوية كونها تطويراً للمعلومات وإدارة الوثائق(7). وفي هذا الصدد يقول (العلي وآخرون)(8) أنه من الصعب إيجاد تعريف واحد لإدارة المعرفة، فلو وضع عشرة خبراء ومختصين في مجال إدارة المعرفة في غرفة واحدة لتعريف إدارة المعرفة لخرجوا بثلاثين تعريفاً على الأقل. ومع ذلك فقد عرفت 
ويعرف صلاح الكبيسي مفهوم إدارة المعرفة تعريفاً يراه شاملاً استخلصه من عدة تعريفات ضمن مجالات متعددة بأنها"المصطلح المعبر عن العمليات والأدوات والسلوكيات التي يشترك في صياغتها وأدائها المستفيدون من المنظمة, لاكتساب وخزن وتوزيع المعرفة لتنعكس على عمليات الأعمال للوصول إلى أفضل التطبيقات بقصد المنافسة طويلة الأمد والتكيف(9).

1-3: نشأة إدارة المعرفة:
مرت إدارة المعرفة بمراحل عدة. فهي في أشكالها الأولى قد وجدت منذ قرون عدة. فقد وجدت في نظام الطوائف والحرف اليدوية في كل المراحل التاريخية القديمة والحديثة. فأصحاب الحرف مرّروا خبراتهم الحرفية إلى أبنائهم، وإن المعلم الحرفي يمثل الشكل الأقدام لصاحب المعرفة الحرفية وهو تعليم تجاريه أو حرفته إلى تلاميذه الممتهنين(10)
وقضية إدارة المعرفة على المستوى النظري كانت معروفة على مدى عقود, لكنها على مستوى الطبيعة لم تكن معروفة إلا قبل سنين. حيث لم تأخذ مداها إلا في السنوات الأخيرة وتحديداً بعد أن تم وضع بعض المقاييس لها, وتزايد الإدراك لفوائد بعض مبادئها الناجحة. أول من استخدام مصطلح إدارة المعرفة (Knowledge Management ) هو Don Marchand في بداية الثمانينيات من القرن الماضي على أنها المرحلة النهائية من "الفرضيات" المتعلقة بتطور نظم المعلومات، وفي المرحلة ذاتها تنبأ رائد الإدارة Drucker إلى أن العمل النموذجي سيكون قائماً على المعرفة وأن المنظمات ستتكون من صناع المعرفة، لكن في تلك الفترة لم يقتنع الكثيرون بإدارة المعرفة وبتأثرها على عملية الأعمال، حيث بدأ التأثير الاستراتيجي لإدارة المعرفة عام (1997), ولابد من التنويه إلى إن إدارة المعرفة ولدت داخل الصناعة وليس داخل الأكاديميات ولا حتى داخل المنظمات المعرفية(11)

1-4: أهمية إدارة المعرفة :
    تتضح أهمية إدارة المعرفة من خلال ما يلي(12) :
1- تعد إدارة المعرفة فرصة كبيرة للمنظمات لتخفيض التكاليف ورفع موجوداتها الداخلية لتوليد الإيرادات الجديدة.
2- تعد عملية نظامية تكاملية لتنسيق أنشطة المنظمة المختلفة في اتجاه تحقيق أهدافها.
3- تعزز قدرة المنظمة للاحتفاظ بالأداء المنظمي المعتمد على الخبرة والمعرفة, وتحسينه.
4- تتيح إدارة المعرفة للمنظمة تحديد المعرفة المطلوبة, وتوثيق المتوافر منها وتطويرها والمشاركة بها وتطبيقها وتقييمها.
5- تعد إدارة المعرفة أداة المنظمات الفاعلة لاستثمار رأسمالها الفكري, من خلال جعل الوصول إلى المعرفة المتولدة عنها بالنسبة للأشخاص الآخرين المحتاجين إليها عملية سهلة وممكنة.
6- تعد أداة تحفيز للمنظمات لتشجيع القدرات الإبداعية لمواردها البشرية لخلق معرفة جيدة والكشف المسبق عن العلاقات غير المعروفة والفجوات في توقعاتهم.
7- تسهم في تحفيز المنظمات لتجديد ذاتها ومواجهة التغيرات البيئية غير المستقرة.
8- توفر الفرصة للحصول على الميزة التنافسية الدائمة للمنظمات, عبر مساهمتها في تمكين المنظمة من تبني المزيد من الإبداعات المتمثلة في طرح سلع وخدمات جديدة.
9- تدعم الجهود للاستفادة من جميع الموجودات الملموسة وغير الملموسة, بتوفير إطار عمل لتعزيز المعرفة التنظيمية.
10- تسهم في تعظيم قيمة ذاتها عبر التركيز على المحتوى. 

1-5: أهداف إدارة المعرفة :
    وفيما يتعلق بأهداف إدارة المعرفة، فقد أشارت الدرسان إلى أنها تهدف إلى ما يلي(13) :
1- أسر المعرفة من مصادرها وخزنها وإعادة استعمالها.
2- جذب رأس المال فكري أكبر لوضع الحلول للمشكلات التي تواجه المنظمة.
3- خلق البيئة التنظيمية التي تشجع كل فرد في المنظمة على المشاركة بالمعرفة لرفع مستوى معرفة الآخرين.
4- تحديد المعرفة الجوهرية وكيفية الحصول عليها وحمايتها.
5- إعادة استخدام المعرفة وتعظيمها.
6- بناء إمكانات التعلم وإشاعة ثقافة المعرفة والتحفيز لتطويرها والتنافس من خلال الذكاء البشري.
7- التأكد من فاعلية تقنيات المنظمة ومن تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرة وتعظيم العوائد من الملكية الفكرية عبر استخدام الاختراعات والمعرفة التي بحوزتها والمتاجرة بالابتكارات.
8- تحول المنظمات من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد العلمي الجديد (اقتصاد المعرفة), وتعمل كشبكة للأنشطة, حيث تسهم في التحويل نحو الشبكات الاقتصادية الواسعة والتجارة الإلكترونية.
9- تعمل على جمع الأفكار الذكية من الميدان, وتسهم في نشر أفضل الممارسات في الداخل.
10- تهدف إلى الإبداع والوعي والتصميم الهادف والتكيف للاضطراب والتعقيد البيئي والتنظيم الذاتي والذكاء والتعلم.
11- خلق القيمة للأعمال من خلال التخطيط، وإدارة وتطوير العاملين وإدارة الزبائن وتقييم الإنتاج.


1-6: عمليات إدارة المعرفة :
يتباين المختصون في تحديد أنشطة وعمليات ومراحل إدارة المعرفة. حيث يحدد توربان وزملاؤه هذه العمليات بالآتي: إنشاء المعرفة الجديدة, الاستحواذ عليها (بتحديدها المعرفة ذات قيمة وبطريقة ملائمة), التنقيح (وضع المعرفة الجديدة في سياق محدد), حفظها ( بصيغة ملائمة وفعالة), الإدارة العملية لها (تقييمها, مراجعتها وتوضيح صلتها ودقتها), وأخيراً نشرها وأن تكون متاحة الأفراد الشركة حسب الحاجة وفي أي وقت ومكان). أما ديفيد سكام فقد حدد عمليات إدارة المعرفة تحديداً تفصيليا أوسع في عشر عمليات هي : إنشاء المعرفة, تحديد المعرفة, الجمع والحصول على المعرفة, تنظيم المعرفة, تقاسم المعرفة, التعلم, تطبيق المعرفة, استغلال المعرفة, حماية المعرفة, وأخيراً تقييم المعرفة(14).
ويتضح من العديد من التصنيفات, أن خلاصة العمليات الجوهرية لإدارة المعرفة من وجهة نظر عدد من الباحثين هي :

1-6-1: تكوين وتوليد المعرفة :
ويراد بها جميع الأنشطة التي تسعى المؤسسة من خلاله للحصول على المعرفة واقتنائها من مصادرها المتعددة كتلك المحتوية على المعرفة الصريحة أو الضمنية. ومفهوم المعرفة لا يعني الحصول على معرفة جديدة فحسب وإنما القدرة على الإبداع وتطوير الأفكار والحلول كقيم مضافة وكذلك المزج بين المعرفة الصريحة والضمنية لتكوين معان جديدة من هذا المزيج.


1-6-2: خزن وتنظيم المعرفة :
وهي العمليات التي تشمل الاحتفاظ بالمعرفة والمحافظة عليها وإدامتها وتنظيمها وتسهيل البحث والوصول إليها وتيسير سبل استرجاعها، حيث تعد هذه العملية مثابة الذاكرة التنظيمية للمؤسسة. وفي هذه العملية يبرز دور استخدام تقنية المعلومات في العديد من مراحل هذه العملية.

1-6-3: نقل ومشاركة المعرفة :
وتعني نشر ومشاركة المعرفة بين أفراد المؤسسة حيث يتم توزيع المعرفة الضمنية عن طريق أساليب كالتدريب والحوار, أما المعرفة الصريحة فيمكن نشرها بالوثائق والنشرات الداخلية والتعلم. والمهم في عملية التوزيع هو ضمان وصول المعرفة الملائمة إلى الشخص الباحث عنها في الوقت الملائم.

1-6-4: تطبيق المعرفة :
وهي غاية إدارة المعرفة، وتعني استخدام هذه المعرفة في الوقت المناسب، واستثمار فرصة تواجدها في المؤسسة, حيث يجب أن توظف في حل المشكلات التي تواجه المؤسسة, ويجب أن يستهدف هذا التطبيق تحقيق أهداف وأغراض المؤسسة أو المنظمة.


1-7: العناصر الأساسية لإدارة المعرفة :
يشير الكثير من الباحثين إلى أن العناصر الأساسية لإدارة المعرفة هي (الإستراتيجية, الأشخاص, التكنولوجيا, العملية)، فعند تفاعلها يُحدد شكل وطبيعة المعرفة وحجم الاحتياج لها، وهي بالتفصيل:

1-7-1: الإستراتيجية :
وتعرف على أنها أسلوب التحرك لمواجهة التهديدات أو الفرص البيئية, والذي يأخذ في الحسبان نقاط الضعف والقوة الداخلية للمشروع, سعياً لتحقيق رسالة وأهداف المشروع. وتقوم الإستراتيجية بصنع المعرفة بالتركيز على تأطير أو تبني الخيارات الصحيحة والملائمة, حيث توجه المؤسسة إلى كيفية مسك ومعالجة موجوداتها الفكرية. كما تسهم الإستراتيجية في تنمية شبكات العمل لربط الناس لكي يتقاسموا المعرفة. ومن أهم أدوار الإستراتيجية تحديد مناطق الأهمية للمنظمة، حيث يتم التركيز عليها لجمع المعرفة حولها مما يدفع المنظمة أحياناً إلى توليد المعرفة(15).



1-7-2: القوى البشرية :
يمثل العنصر البشري أهم عناصر إدارة المعرفة, لكونه يتضمن الأساس الذي تنتقل عبره المنظمة من المعرفة الفردية إلى المعرفة التنظيمية. والمقصود بالأشخاص هنا هم كادر أنظمة المعلومات, وكادر إدارة المعرفة, وكادر البحث والتطوير, ومديرو الموارد البشرية ومديرو الأقسام الأخرى والأفراد المساهمون في عمليات إدارة المعرفة. وعملياً فإن الأفراد هم المكونات الرئيسية في برامج إدارة المعرفة ولا يمكن العمل من دونهم. وصناع المعرفة هم أولئك الأفراد الذين يقومون بخلق المعرفة كجزء من عملهم(16) .
ويعرفون صناع المعرفة أيضاً بعمال الياقات الذهبية، مقارنة بعمال المصانع الذين يعرفون بعمال الياقات الزرقاء، حيث يعملون على استخدام عقولهم في تحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات أو عمليات, ويمتلكون معرفتهم التي يمكنهم بيعها أو المتاجرة بها أو حتى تركها جانباً ولكنها تبقى ملكهم. ويقول جوردن Gordon إنه في عصر المعرفة أصبحت الأدمغة أكثر قيمة من العضلات. وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على التعليم في التأهيل الأولي من خلال تزويد الطلبة بمهارات التفكير الإدراكي والتقني, حيث أصبح العمل يتطلب كفاءات أكثر من مجرد الحصول على شهادة, كفاءات تمزج التعليم بالخبرة وتولد الإبداع والابتكار, ومجارة التغيير من خلال التعليم المستمر, حيث أن ما يعرفه عامل المعرفة اليوم لن يضيف قيمة إلى عمله في الغد كي يكون منتجاً مساهماً. ويتضح دور أخصائي المعلومات في إدارة المعرفة من خلال تقرير صنف عمال المعرفة إلى ثلاث فئات :
1- المهنيون مثل الأطباء والمحاسبين واختصاصي المعلومات الذين ازدادت الحاجة إلى مهارتهم المتخصصة في الخدمات المهنية بشكل رئيسي.
2- المهندسون والعمال العلميون والفنيون حيث لا تحدد هذه الفئة بمستوى تعليم معين، إنما تعتمد على المهارات المتخصصة المكتسبة من العمل ومن بينهم العاملون في مؤسسات المعلومات دون امتلاكهم لشهادات تخصصيه.
3- الرتب العليا في الإدارة من صناع القرار(17).
ويذكر د. محمد مرارياتي ما نصه "إن تطور المعرفة السريع يتطلب التدريب مدى الحياة, كما يتطلب مستوى علمياً وتكنولوجياً للعمالة أعلى من السابق, والحاجة لا كتساب ملكة التعلم أصبحت حاجة ماسة للعاملين"(18).

1-7-3: التكنولوجيا :
تؤدي التكنولوجيا دوراً مهما في إدارة المعرفة, سواء في تكوين المعرفة واكتسابها أو نشرها أو الاحتفاظ بها فهي تؤدي دوراً كبيراً بالتنسيق مع الموارد البشرية في الكثير من التطبيقات كمعالجة الوثائق وأنظمة دعم القرارات, والأنظمة الخبيرة, ويمكن أن نلخص دور التكنولوجيا في إدارة المعرفة:
أ- أسهمت التطورات التكنولوجية في تعزيز إمكان السيطرة على المعرفة الموجودة والتي جعلت منها عملية سهلة وذات تكلفة أقل ومتيسرة.
ب- أسهمت التكنولوجيا في تهيئة بيئة ملائمة مع تفاعل الموارد البشرية لتوليد معرفة جديدة.
ج- أسهمت التكنولوجيا في تنميط وتسهيل وتسريع وتبسيط كل عمليات إدارة المعرفة من توليد وتحليل وخزن ومشاركة ونقل وتطبيق واسترجاع البحث.
د- وفرت التكنولوجيا وسائل اتصال سهلت من تكوين ورش عمل مشتركة, تحتاجها الجماعات المتفاعلة في مناطق جغرافية مختلفة(19).
    ولكي تكون هناك عملية مستمرة لتبادل المعرفة يجب أن تتوافر أربعة شروط في نظام التكنولوجيا هي :القدرة على إدراك ومراقبة وإجراء مسح للنواحي المهمة في البيئة   المحيطة،والقدرة على ربط هذه المعلومات بالقيم والقواعد الإرشادية لسلوك النظام،والتعرف على القيود ذات الدلالة عن هذه القيم والقواعد، والقدرة على البدء في القيام بأفعال إصلاحية مناسبة عن التأكد من وجود تناقضات(20).
ومع الأهمية المتزايدة لتكنولوجيا المعلومات في المنظمات, يلاحظ في هذا المجال أن هذه التكنولوجيا تستطيع التعامل بكفاءة مع البيانات والمعلومات ولكن ليس مع المعرفة. بل أنها في أحسن الأحوال ولكي تستطيع أن تمارس دوراً في إدارة المعرفة لابد من أن تحول المعرفة إلى معرفة صريحة كبيانات صلبة وصيغ منطقية, وفي هذه العملية هناك نوع من التراجع والتدهور بمعرفة المؤسسة أو المنظمة إلى مستوى البيانات والمعلومات(21).

1-7-4: العملية :
توفر العملية المهارة والحرفة اللتين تعدان من أهم مصادر المعرفة, وتتم المحافظة عليها عبر المكانة والتي يتم تحقيقها من خلال العملية, ويمكن تحديد دور العملية في إدارة المعرفة بالأنشطة التالية: 
أ- تتضمن العملية في ظل التطورات التكنولوجية تطوير ممارسات العمل الجديدة التي تزيد من الترابط المتبادل لأفراد فريق العمل الواحد.
ب- العمل المعرفي يرتبط بنشاط صناع المعرفة الذين يشغلون مراكز متقدمة في قسم العمليات, وتعكس خبرتهم بقوة في تصميم عملهم.
ج- تسهم العملية في تطوير البرامج الرسمية التي تبني المشاركة بالمعرفة والإبداع من خلالها, وتحديد الأدوار والمهام للمشاركة الفردية والجماعية في برنامج إدارة المعرفة.
د- توفر العملية قياس النتائج وتراقب عملية التقدم بتنفيذ البرنامج, وتعطي مؤشرات لتقليل التكلفة وتحقيق سرعة الاستجابة(22).

2- تطبيق إدارة المعرفة في المكتبات ومراكز المعلومات:
    تمهيد:
    إذا كانت العديد من دول العالم قد مرت بالتحولات التي فرضها عصر المعرفة ومجتمعات المعرفة والتي كان لها انعكاساتها على المكتبات ككيان مهم، فإن المكتبة تواجه اليوم تحديات كبيرة تتمثل في نقص الموارد المالية، وتغير احتياجات وتطلعات المستفيدين، وما تعانيه من منافسة شديدة وبشكل حاد مع انتشار تقنيات الاتصالات والمعلومات الحديثة كالإنترنت والمكتبات الرقمية، والتي قد تسحب البساط من تحت المكتبات إذا ما ضلت الأخيرة جامدة بدون أي تحرك نحو التغيير.
    ويشير وين(23) كإجابة حول ما الداعي لتطبيق إدارة المعرفة في المكتبات الجامعية يقول " المكتبات الجامعية محاصرة ومضايقة من جانبين : قلة الميزانية، و الطلب المتزايد من قبل الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب للحصول على المعلومات وتطبيق إدارة المعرفة نابع من رسالة المكتبة بغض النظر إلى منافسة الانترنت والمصادر الالكترونية".
    إن نجاح المكتبات يعتمد على قدرتها من الانتفاع والاستفادة من معلومات ومعرفة موظفيها من اجل خدمة احتياجاتها واحتياجات المستفيدين بشكل أفضل، حيث تعد معرفة وخبرات موظفي المكتبة أحد الأصول والممتلكات القيمة للمكتبة والتي يجب النظر إليها بشيء من التقدير والاهتمام(24).
    إن الهدف الحقيقي من إدارة المعرفة هو تحقيق الفاعلية والاستمرارية للمنظمات، وبالرغم من أن أصل إدارة المعرفة وجدت في حقل الأعمال إلا أن ممارساتها انتشرت في الحقول غير الهادفة للربح، وقد لوحظ العديد من المميزات التي تقدمها تطبيقات إدارة المعرفة للمؤسسات والمنظمات غير الربحية مثل تحسين الاتصال بين الموظفين واتصالهم كذلك بالإدارة العليا وتشيع ثقافة المشاركة، وأن ضرورة بقاء وصمود المكتبات ومراكز المعلومات أمام نقص الموارد المالية و تلك التطلعات والحاجات للمستفيدين يدفع بقوة إلى ضرورة تبني تطبيق إدارة المعرفة(25).
        والحقيقة أن تطبيق إدارة المعرفة في المكتبات أو غيرها من المنظمات لا يعني النجاح دائماً، بل يحتاج إلى التخطيط المسبق والتهيئة المناسبة، وفي هذا المجال وقد تمت بعض الدراسات حول عقبات تطبيق إدارة المعرفة والأسباب التي تؤدي إلى فشل هذا التطبيق، وقد نتج عنها تحديد عدد من الأسباب والعوائق(26):
- سيطرة الثقافة التي تكبح التشارك في المعرفة.
- الافتقار إلى القيادة العليا الداعمة لإدارة المعرفة.
- الافتقار إلى الإدراك الكافي لمفهوم إدارة المعرفة ومحتواها.
- الافتقار إلى الإدراك لدور إدارة المعرفة وفوائدها.
- الافتقار إلى وجود تكامل بين نشاطات المنظمة المتعلقة بإدارة المعرفة وبين تعزيز التعلم المنظمي.
- الافتقار إلى التدريب المتعلق بإدارة المعرفة.
- الافتقار إلى الوقت الكافي لتعام كيفية استخدام وتنفيذ نظام إدارة المعرفة.
- الافتقار إلى فهم مبادرة إدارة المعرفة بشكل صحيح بسبب الاتصال غير الفعال وغير الكفء.
    ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى أنه وفي السنوات القليلة الماضية اهتم الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات (افلا) بإدارة المعرفة وتطبيقاتها في المكتبات حيث انشأ الاتحاد قسم خاص عام 2003 بمسمى " قسم إدارة المعرفة" ومن أهم أهدافه(27):
- دعم ثقافة تطبيق إدارة المعرفة في بيئة المكتبات والمعلومات.
- عمل إطار دولي للاتصال المهني وفهم طبيعة وأهمية إدارة المعرفة.
- تتبع تطورات إدارة المعرفة والتعريف بتطبيقاتها العملية في المكتبات.
    ويرى البعض أن تطبيق إدارة المعرفة يتطلب توافر مجموعة من العناصر مثل: أن يكون الهيكل التنظيمي أكثر ملائمة لإدارة المعرفة، بحيث يؤدي إلى استقلالية أكثر في اتخاذ القرار، ويساعد على العمل بروح الفريق.كما يجب أن تتسع الثقافة التنظيمية لتحتوي الجوانب العديدة الخاصة بإدارة المعرفة، وإلى جانب ذلك، يجب أن تكون هناك القيادة التي تشجع على تبني إدارة المعرفة، إذ يتعين أن تتوافر فيها القدرة على شرح الرؤية للآخرين، وأن تكون قدوة لهم(28).
   ومن المهم جداً كذلك لإدارة المعرفة في المكتبة أن تكون هناك سياسة لإدارة المعرفة وأن تكون واضحة ومفهومة جيداً من قبل الموظفين، لأن مثل هذه السياسة ستوضح للموظفين أي أنواع المعرفة تحتاجها المكتبة لإدارتها والمشاركة فيها، كما يفيد ذلك أيضا في أن تقوم المكتبة بخزن وإتاحة المعرفة والمعلومات الصحيحة واللازمة لإفادة الموظفين والمكتبة منها(29).

2-1: متطلبات تطبيق إدارة المعرفة في المكتبات ومراكز المعلومات:
    يتطلب تطبيق إدارة المعرفة في المكتبات تهيئة بيئة المنظمة للوصول إلى أقصى استفادة ممكنة من المعرفة، بحيث تكون بيئة مشجعة على الإدارة الفعالة للمعرفة، ومن ثم يمكن تخزين ونقل وتطبيق المعرفة. وبصفة عامة، فإن مثل هذه البيئة تتطلب توافر العناصر الآتية: هياكل تنظيمية ملائمة لإدارة المعرفة، وقيادة وثقافة تنظيمية تشجع على ذلك، وتكنولوجيا المعلومات. وفيما يلي شرح لهذه المتطلبات:

2-1-1: الهياكل التنظيمية:
    يعرف الهيكل التنظيمي بأنه البناء والإطار الذي يحدد الإدارات والأجزاء الداخلية للمكتبة ومركز المعلومات اللازمة لتحيق الأهداف، وأيضا خطوط السلطة ومواقع اتخاذ القرار ومواقع تنفيذ القرارات الإدارية. وليس هناك هيكل تنظيمي جاهز يمكن تطبيقه في أي مكتبة أو مركز معلومات لذا، تقوم كل مكتبة على حدة بتصميم هيكلها التنظيمي وتطويره، وهناك مجموعة من العوامل المؤثرة على اختيار الهيكل التنظيمي المناسب للمكتبات ومراكز المعلومات لعل من أهمها حجم المكتبة ونوع المكتبة وتقنية المعلومات وغيرها من العوامل(30).
    وتستخدم المكتبات على اختلاف أحجامها وأنواعها العديد من أشكال الهياكل التنظيمي مثل الهيكل الهرمي و العمودي والأفقي والمصفوفي .. الخ، ويمكن أن نصف حال العديد من المكتبات خاصة الكبيرة إلى أنها تتخذ التنظيم الوظيفي بحيث يكون لكل فرد يعمل في تخصص معين رئيس مباشر، وتكون الإدارة العليا في تحكم قوي للمنظمة ككل، وينعكس هذا على تدفق المعلومات في المنظمة، حيث تتركز في المديرين ويتم توزيعها من قبل الإدارة على الأفراد.ويعني ذلك عدم وجود علاقات مباشرة بين الأفراد، وبالتالي تكون إمكانية نقل المعرفة والمشاركة فيها محددة ومما لاشك فيه أن الهياكل التنظيمية الأكثر ملائمة لإدارة المعرفة هي تلك الهياكل التي تتسم بالمرونة والتكيف مع البيئة وسهولة الاتصالات وقدرتها على الاستجابة السريعة للمتغيرات.
    ويجب أن يتضمن التنظيم الأمثل في المكتبات ومراكز المعلومات شبكة اتصالات واضحة وفعالة تكفل تدفق المعلومات من أدنى مراتب التنظيم إلى المستويات العليا فيه وبالعكس، وذلك بسرعة فائقة ودون عوائق، ولو استدعى الأمر تغيير أو تطوير الهيكل التنظيمي، ويقول همشري(31) في هذا الصدد "من المعلوم أنه ليس هناك هياكل تنظيمية ثابتة أو جامدة في المكتبات ومراكز المعلومات، لأنه مع مرور الزمن وبتغير الظروف والأحول، فإن هياكل المكتبات ومراكز المعلومات تصبح قديمة وغير مناسبة، وبهذا تصبح بحاجة إلى إعادة تنظيم. ويقصد إدخال تغييرات وتعديلات مناسبة على الهيكل التنظيمي للمكتبة أو مركز المعلومات بغرض ضمان بقائها واستمرارها في أداء وظائفها بالشكل المطلوب"، ويشير إلى أن احد الأسباب التي تدعو إلى إعادة تشكيل الهيكل التنظيمي هو تغيير إدارة المكتبة أو مركز المعلومات ورغبة الإدارة الجديدة في إدخال أفكار تنظيمية جديدة، وهو ما يمكن تبنيه هنا للأخذ بزمام المبادرة والتحول إلى إدارة المعرفة.
    وبصفة عامة، فان تهيئة المناخ المناسب لتطبيق إدارة المعرفة التنظيمية تتطلب بالضرورة التحول إلى الممارسات الإدارية الأكثر توافقاً مع معطيات عصر المعرفة، مثل:
- التحول من الهيكل التنظيمي الهرمي الشكل المتعدد المستويات إلى الهياكل التنظيمية الأكثر تفلطحاً والأبعد عن الشكل الهرمي.
- التحول من النظم المركزية التي تعتمد على احتكار المعرفة وتركيزها في مستوى تنظيمي واحد، إلى النظم اللامركزية، التي تستند إلى تدفق وانتشار معرفي يغطى المنظمة كلها ويشارك الجميع في تخليقها.
- التحول من أنماط التنظيم القائمة على العمل الفردي المنعزل إلى نمط العمل الجماعي في فرق عمل ذاتية(32).
2-1-2: الثقافة التنظيمية:
    الثقافة التنظيمية هي مجموعة القيم والمعتقدات والأحاسيس الموجودة داخل المنظمة والتي تسود بين العاملين مثل طريقة تعامل الأفراد مع بعضهم البعض، وتوقعات كل فرد من الأخر ومن المنظمة ، وكيفية تفسيرهم لتصرفات الآخرين . ويتطلب تطبيق إدارة المعرفة في أية منظمة أن تكون القيم الثقافية السائدة ملائمة ومتوافقة مع مبدأ الاستمرار في التعلم وإدارة المعرفة، وأن تكون الثقافة التنظيمية مشجعة لروح الفريق في العمل. وهناك عوامل تساعد على إدخال مفهوم إدارة المعرفة في المنظمة، وهى بالتالي تمثل عوامل ايجابية لإدارة المعرفة في المنظمات ويقصد بها الثقافة التي تشجع وتحث على العمل بروح الفريق وتبادل الأفكار ومساعدة الآخرين، والقدوة والمثل الأعلى للقيادة الفعالة التي تعتني بالمعرفة والعوامل التي تساعد وتحفز على تبنى مفهوم إدارة المعرفة، كما توجد عوامل تؤثر سلباً في تبنى المنظمة لإدارة المعرفة، ولذلك ينبغي التخلص منها أولاً قبل محاولة إدخال هذا المفهوم في المنظمة مثل الاعتقاد بأن معرفة الأفراد نفسهم لا قيمة لها ، وعدم فهم المعنى الحقيقي لإدارة المعرفة(33).
    ويؤكد شانهنق Shanhongفي هذا المجال أن إدارة المعرفة ستضخ معها دماً جديدة داخل ثقافة المكتبة بحيث تشمل الثقة المتبادلة والاتصال المفتوح والتعلم و مشاركة وتطوير آلية عمليات المعرفة في المكتبات، والاستمتاع بعملية إدارة المعرفة(34).
2-1-3: القيادة ومدير المعرفة:
    مما لاشك فيه أن القيادة عنصر مهم في تبني وتطبيق إدارة المعرفة. فالقائد يعتبر قدوة للآخرين في التعلم المستمر. ولذلك، فإن هناك بعض النظريات الخاصة بالقيادة تكون أكثر ملائمة لإدارة المعرفة من نظريات أخرى. فنظرية سمات القيادة،، يرى البعض أنها لا تناسب تطبيق إدارة المعرفة .أما نظريات سلوك القائد،فهي أكثر ملائمة بينما النظريات الظرفية متفقة أكثر مع نمط القيادة المطلوب لإدارة المعرفة، وتعتمد النظرية الظرفية أو الموقفية على تفاعل الخصائص الشخصية للقائد وسلوكه، وعوامل الموقف القيادي نفسه، وهي ترى أن الموقف نفسه له أهمية كبيرة في التأثير على عملية القيادة، لأنه يؤثر على مدى قدرة القائد على إنجاز ما هو مطلوب منه(35).
أما عن مدير المعرفة باعتبار أحد كوادر إدارة المعرفة، فهو يقوم بدور قيادي في برنامج إدارة المعرفة, حيث يقوم ببناء علاقات عمل جيدة مع الإدارة العليا ومع العاملين في الأقسام الأخرى, وهذا الدور يسمح له بالمشاركة في بناء الإستراتيجية منذ البداية(36).
    وربما يتوجب على المكتبات ومراكز المعلومات الراغبة في تبني إدارة المعرفة، استحداث مسمى لوظيفة تعنى بإدارة المعرفة داخل المكتبة أو المركز. ولأهمية هذا الدور الذي تقوم به هذه المبادرات – مبادرات إدارة المعرفة-  في تحقيق الميزة التنافسية للمنظمات وإدامتها, بدأت العديد من المنظمات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا باستخدام ما يسمى ضابط المعرفة(OKC)Chief Knowledge Officer أو قائد المعرفة (KL)Knowledge Leader ، ليتولى مسؤولية قيادة وإدارة المعرفة في هذه لمنظمات، ويعتبر دور ضابط أو قائد المعرفة من ادوار الإدارة العليا, ويوازي دور مدير إدارة الموارد البشرية, أو إدارة المعلومات. وبالتالي, فان دور قائد المعرفة دور مركب متعدد الوجوه, يتضمن القيام بالمهام التالية(37):
- الدفاع عن المعرفة، فالتغيرات طويلة الأمد المتعلقة بالثقافة التنظيمية, وسلوكيات الأفراد المتعلقة بالمعرفة, هي أمر ضروري، وهذه التغيرات تتطلب دفاعا قويا ومستداما.
- تصميم وتنفيذ البنية التحتية للمعرفة, ومراقبتها, بما يشمله ذلك من المكتبات, وقواعد المعرفة, وشبكات المعرفة, ومراكز البحوث, والبنية المنظمة المستندة إلى المعرفة.
- إدارة العلاقات مع مزودي المعلومات والمعرفة الخارجين (شركات قواعد البيانات أو الشركاء الأكاديميون) ومناقشة العقود المتعلقة بالعمل معهم والتفاوض حولها.
- قياس وإدارة قيمة المعرفة بواسطة التحليل المالي التقليدي وغيره من أساليب القياس.
- قيادة تطوير استراتيجة المعرفة, أي تركيز موارد المنظمة على نمط المعرفة الذي تحتاجه المنظمة من أجل إدارة عمليات المعرفة.
- بناء ثقافة المعرفة في المنظمة.
ويتضح في كتابات الكثير ممن كتبوا عن مهام مدير المعرفة بأن إدارة المعرفة في الغالب تركز على جوانب إدارية وكذلك على العلاقات والدور القيادي لمدير المعرفة, ولكن وبلا شك فإن الفرصة مواتيه أمام مهنة المكتبات والمعلومات بشرط أن يحسن استثمارها ويهيئ ممتهنيها, ولتأكيد حجم فرصة وظيفة مدير المعرفة المتاحة أمام اختصاصيي المكتبات والمعلومات قام كل من (مكين ) و (ستابلس ) بدراسة ميدانية عام 2001 على عينة مكونة من 41 مدير معرفة يعملون بمختلف المؤسسات في أمريكا, وقد وجدوا بأن 20 منهم يحملون درجة عليا في التعليم وباختصاصات متنوعة بينهم 8 في مجال المكتبات والمعلومات والإنسانيات، و7في إدارة الأعمال، و3 فقط في الهندسة، و2 في الحاسب. وهذا يؤكد الحاجة الأساسية لمهنة المكتبات والمعلومات في إدارة المعرفة(38).
وبصفة عامة، فإن إدارة المعرفة في المكتبات تتطلب نمطاً غير عادي من القيادة يتمكن من قيادة الآخرين، والتأثير فيهم وتحفيزهم والاستفادة من المعرفة الموجودة لتحقيق أعلى مستويات من الفاعلية والإنتاجية في المكتبات
2-1-4: تقنية المعلومات:
    إن جمع واكتساب المعرفة هي نقطة البداية لإدارة المعرفة في المكتبات. وتقوم تطبيقات تقنية المعلومات بتوسيع مجال الحصول على المعرفة واكتسابها والرفع من سرعة جمع هذه المعرفة والتقليل من الكلف المصاحبة لذلك. فمن غير الممكن لإنجاز مثل هذه المهام الاعتماد على العقول البشرية خاصة في هذا العصر الحديث الذي تتغير فيه المعرفة في كل يوم يمر. فالمعرفة المكتسبة يجب أن تجمع داخل مخازن المعرفة في المكتبات. وليست أهمية استخدام تقنية المعلومات في الخزن بسبب كمية المعرفة فقط، بل كذلك في استرجاع وتصنيف وأمن تلك المعرفة. ولا غنى عن تطبيقا ت تقنية المعلومات كذلك في استخدام وتبادل المعرفة كمصدر وأداة للإبداع المعرفي(39).
     ولتقنية المعلومات دور مهم في تطوير وتنمية المنظمات، من خلال توفير المعلومات المناسبة في الوقت المناسب، ودعم وتحسين عملية اتخاذ القرار، وتحسين وتنشيط حركة الاتصالات بالمنظمة. وتوفر تكنولوجيا المعلومات الحديثة لإدارة المعرفة الكثير من الإمكانيات مثل: شبكة المعلومات، والشبكة الداخلية ، وبرنامج التصفح ، ومخازن البيانات، ومصفاة البيانات، مما يسهل ويسرع من إدارة المعرفة في المنظمات، كما يجب أن ينظر لمحتويات نظام إدارة المعرفة كأصل ثابت لكل منظمة، وهو لا يتم ابتكاره أو صنعه وتنميته لغرض معين، ولكن يجب أن يبقى كأساس لكل منظمة، مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب أن يحقق مواصفات معينة في الجودة، والحداثة، والعمومية، والشمولية، يناسب التغيرات والتطورات، السهولة في الاستعمال من قبل العاملين كلهم(40).
    ومن أجل إدارة المعرفة بفاعلية وكفاءة, فقد تم تصميم نظم خاصة بإدارة المعرفة, تهدف إلى جمع المعلومات, وتخزينها, واسترجاعها, ونقلها, وبحيث تعمل هذه الوظائف مع بعضها بشكل متكامل. وهناك العديد من نظم إدارة المعرفة منها على سبيل المثال لا الحصر(41):
- نظم الذكاء الصناعي, وتشمل: النظم الخبيرة, والشبكات العصبية, ونظم المنطق الغامض, والخوارزميات الجينية.
- تكنولوجيا الشبكات, وتشمل: الانترنت, والانترانت, والاكسترانت, والوكيل الذكي.
- نظم المعلومات الإدارية الذكية المستندة على الويب.
- نظم دعم الإدارة, وتشمل: برامج الدعم الجماعي، نظم إدارة الوثائق DMS ، ومستودعات البيانات, ونظم التنقيب عن البيانات, ونظم مساندة القراراتDSS.
    وكسبيل للتقليل من النفقات المالية التي قد تجرها تطبيقات التقنية في المكتبات لدعم إدارة المعرفة، يدعو وين Wen(42)إلى الاستفادة من التقنية في خزن واسترجاع المعرفة لتشجيع إدارة المعرفة في المكتبات، فالتقنية والبرامج مفتوحة المصدر تعد من السبل المثالية لذلك برغم ما تحتاجه من مستوى علي من مهارات البرمجة، وكذلك هناك عديد من المكتبات لديها رخصة لاستخدام برامج ميكروسوفت على عدد من أجهزة الحاسب ولم تستفد من هذا العدد، فبرنامج وورد ميكروسوفت يمكن استخدامه في التوثيق والإجراءات المتعلقة بالعمليات المكتبية، وبرنامج اكسل ميكروسوفت في حفظ الإحصاءات وعمل الرسوم البيانية، وبرنامج ميكروسوفت أكسس لعمل قواعد البيانات وتسهيل الاسترجاع، كما يمكن الاستفادة من خدمات الانترنت في هذا المجال كذلك.
    ويمكن للمكتبة أو مركز المعلومات وخاصة تلك التي لديها وفرة مالية أن تتبني أحد أنظمة إدارة المعرفة المصممة لذلك من خلال التعاقد مع أحد الوكلاء المعتبرين بحيث يشمل ذلك خدمات ما بعد البيع كالصيانة وتدريب الموظفين على التعامل مع معطيات البرنامج لتحقيق أعلى فائدة ممكنة.
 ما هي الإنترانت؟
تطلق تسمية الإنترانت على التطبيق العملي لاستخدام تقنيات الإنترنت والويب في الشبكة الداخلية للمؤسسة أو الشركة، بغرض رفع كفاءة العمل الإداري وتحسين آليات تشارك الموارد والمعلومات والاستفادة من تقنيات الحوسبة المشتركة. كما تقدم شبكة الإنترانت خدمة الولوج إلى الإنترنت مع منع العكس (أي لا يمكن لغير المُسجلين في شبكة الإنترانت الولوج إليها عن طريق الإنترنت)، وبذلك تؤمن الإنترانت سورا منيعا (يطلق عليه اسم جدار النار (Fire walls) حول محتوياتها مع المحافظة على حق وصول العاملين عليها إلى مصادر المعلومات الخارجية على الإنترنت. ويعد البعض شبكة الإنترانت نموذجا مُطورا من نظام الخادم/ المستفيد (client/server) المُعتمد في الحوسبة.
هل تؤمن الإنترانت وصولاً أسرع إلى المعلومات؟
يعد عامل سرعة النفاذ إلى المعلومات عاملا مهما عند اختيار الحل الشبكي المناسب لمشروع أو شركة ما، وفي حالة الإنترانت لا يمكن الجزم بأن الإنترانت أسرع أو أبطأ لأن ذلك يعتمد على الهيكلية التي تعتمدها، ولذلك سنفصل مستويات السرعة استنادا إلى الهيكلية:
·         في حال كانت الإنترانت مبنية على شبكة محلية (LAN) فإن سرعتها تكون هي سرعة الشبكة المحلية (تبدأ من عشرة ميغابت في الثانية (10 Mbs) حتى مائة ميغابت في الثانية (100 Mbs).
·         أما في حال كانت بعض العقد (Nodes) تتصل بالإنترانت عن طريق الإنترنت فإن سرعة الإنترانت ستعتمد على سرعة الإنترنت (التي تنخفض في وقت الذروة (Peak time) وترتفع في ساعات التشغيل العادي) وسرعة النظام يجب أن تقاس بسرعة أبطأ عناصره وعليه فإن السرعة ستتراوح بين 14 كيلوبايت في الثانية (14 KBps) وحتى 56 كيلو بايت في الثانية (56 KBps) بفرض أن الاتصال بالإنترنت مستند إلى الخطوط الهاتفية.
·         أما الحالة الأخيرة فهي وجود خدمة هاتفية مُخصَّصة للإنترانت (مثل خدمة ترحيل الإطارات (frame relay) ، وفي هذه الحالة تتحدد السرعة بناء على ما تمنحه شركة الاتصالات التي تقوم بتقديم الخدمة، وقد تصل السرعة إلى 2 ميغابت في الثانية
(2Mbps).
ما ضرورة وجود الإنترانت؟
تنبع الحاجة إلى الإنترانت في الشركات المتوسطة والكبيرة من الأسباب التالية
:
  1. تقليص التكاليف:
    يعمل الجهاز الخادم (server) في شبكة الإنترانت على تقليل الحاجة إلى وجود نسخ متعددة من البرامج (وقواعد البيانات (databases)، لأن هيكلية موقع شبكة الإنترانت مطابقة تماما لبنيته على الإنترنت، وتسمح هذه البنية بخدمة (تنزيل (downloading) الملفات والتطبيقات بسهولة ويسر، كما إن الوصول إلى البيانات المشتركة يمكن أن يُنفذ عن طريق قاعدة بيانات مشتركة يتم الوصول إليها من المستخدمين كل تبعا (للصلاحية (Permission) الممنوحة له.
الخاتمة :
    لا شك أن المكتبات ومراكز المعلومات تقوم بدور فاعل تجاه المجتمعات التي توجد بها، ولديها رسالة جليلة تحرص على إيصالها، وفي هذا العصر المتغير والثورة التقنية وتزايد واختلاف طلبات وتطلعات المستفيدين، كان لزاما التفكير جديا في البحث عن أفضل طرق تحسين الأداء والتطوير المستمر. ولعل المكتبات ومراكز المعلومات أولى من غيرها من المنظمات والمؤسسات الأخرى في الاستفادة من المعرفة لما يربطهم بها من أواصر حميمة منذ أقدم العصور والأزمنة، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المكتبات ومراكز المعلومات كانت تمارس وتطبق إدارة المعرفة أو أجزاء من عملياتها ولو أنها بطريقة غير مخططة أو مدروسة. إلا أننا ونحن نرى ما حققته ممارسات إدارة المعرفة وتجاربها الحية في العديد من المنظمات الربحية وغير الربحية، يجب أن لا نكتفي بالترويج لهذا الطالع الجديد وتعبئة الرفوف بأدبه المتزايد، دون التفكير في خوض التجربة بشيء من الحكمة والتأني والاستفادة من التجارب السابقة.





______________________________________

الهوامش والمصادر:

1- قطر، محمود. إدارة المعرفة أم معرفة الإدارة؟. في : الملتقى العربي لأساليب الإدارة الحديثة بالمكتبات. الإسكندرية : 2005.
2- Sarrafzadeh, M. .The implications of knowledge management for the library and information professions. actKM Online Journal of Knowledge Management, Volume2, Issue 1, 2005. p 95.
3- الكبيسي، صلاح الدين. إدارة المعرفة .- القاهرة : المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، 2005 .- ص11.

4- رزوقي، نعيمة حسن. الدور الجديد لمهنة المعلومات في عصر هندسة المعرفة وإدارتها .- مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية .- مج10 ، ع2 (مارس 2004 ). .- (تاريخ الاطلاع : 10-5-1429هـ) . – متاح في :

5- محيى الدين، حسانة. اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات .- مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية .- مج9 ، ع2 (سبتمبر 2003) .- (تاريخ الاطلاع : 10-5-1429هـ) .- متاح في :
6- الكبيسي، صلاح الدين . مصدر سابق، ص12.
7- المصدر السابق، ص 32.
8- العلي، عبدالستار. المدخل إلى إدارة المعرفة/ عبدالستار العلي، عامر إبراهيم قنديلجي، غسان العمري. عمان : دار المسيرة، 2006. ص26.
9- الكبيسي، صلاح الدين. مصدر سابق، ص42.
10- نجم، نجم عبود. إدارة المعرفة : المفاهيم والاستراتيجيات والعمليات .- عمان : مؤسسة الوراق ، 2004 .- ص 96.
11- الكبيسي، صلاح الدين. مصدر سابق، ص32-33.
12- المصدر السابق، ص 42-43.
13- المصدر السابق، ص 43-44.
14- نجم عبود نجم ، مصدر سابق، ص100.

15- الكبيسي، صلاح الدين. مصدر سابق، ص90.
16- المصدر السابق، ص92.
17- رزوقي، نعيمة حسن. الدور الجديد لمهنة المعلومات في عصر هندسة المعرفة وإدارتها، مصدر سابق.

18- مرارياتي، محمد. اقتصاد المعرفة : تكنولوجيا المعلومات والتعريب .- مجلة العربية(النادي العربي للمعلومات) .- ع1 (2000) .- (تاريخ الاطلاع : 11-5-1429هـ) .- متاح في :

19- الكبيسي، صلاح الدين. مصدر سابق، ص95.

20- عبد الوهاب، سمير محمد. متطلبات تطبيق إدارة المعرفة في المدن العربية: دراسة حالة مدينة القاهرة. في : الندوة الدولية لمدن المعرفة .- المدينة المنورة : 1426هـ. (تاريخ الاطلاع : 11-5-1429هـ). متاح في :

21- نجم عبود نجم ، مصدر سابق، ص103.


22- الكبيسي، صلاح الدين. مصدر سابق، ص96-97.

هناك تعليق واحد: