الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

المكتبات العمومية و مجتمع المعلومات


المكتبات العمومية و مجتمع المعلومات 
رشيد بايوسف 
مكتبي وثائقي أمين محفوظات.
ملخص:
أسست المكتبات العمومية بالجزائر خدمة للمجتمع من أجل الانتقال به من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلومات ومنه إلى مجتمع معرفة، ولذلك تحاول المكتبات تكثيف جهودها في استقطاب أصدقاء للمكتبة منذ نعومة أظافرهم إلى غاية تحقيق الهدف المنشود.
فما هي الخدمات الواجب تقديمها إلى جمهور المستفيدين لتحقيق مجتمع معلومات؟ وما هي الأسس التي يقوم عليها مجتمع المعلومات؟. تساؤلات وأخرى سنحاول الإجابة عليها في هذه الورقة العلمية.
مجتمع المعلومات:
ماهية مجتمع المعلومات:
مصطلح جديد وواقع بدأت كثير من الدول تعيشه و أمل تسعى إليه كثير من الدول للانتفاع به ولتتحول له هذا المصطلح الذي ظهر في الفترة الأخيرة، و بالأخص في النصف الثاني من القرن العشرين ليدل على مجتمع اعتمد أساسا على المعلومات و تقنيات المعلومات و التكنولوجيا الحديثة بحيث أصبحت المعلومات فيه لازمة لكل فرد و تعاظم دورها في كافة المجالات سواء الاقتصادية و السياسية و العلمية و الاجتماعية[1]. ومفهوم مجتمع المعلومات لا يزال غير واضح المعالم بشكل تام. لذا فهناك العديد من التعريفات لمجتمع المعلومات نذكر منها:
·  هو ذلك المجتمع الذي أعتمد أساسا على المعلومات وتقنيات المعلومات والتكنولوجيا الحديثة وأصبحت المعلومات فيه لازمة لكل فرد وتعاظم دورها في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية والاجتماعية.
·  هو المجتمع الذي يعتمد أساسا على المعلومات الوفيرة كمورد استثماري وكسلعة إستراتيجية وكخدمة كما أنها أيضا مصدر للدخل القومي ومجال للقوة العاملة[2].
·  تعريف ورد ذكره في الموسوعة العربية للمجتمع المعلوماتي: " هو مجتمع تتاح فيه الاتصالات العالمية، وتنتج فيه المعلومات بكميات ضخمة، كما توزع توزيعا واسعا ، والتي تصبح فيه المعلومات لها تأثير على الاقتصاد".
·  و تعرفه د. ناريمان متولي: أنه المجتمع الذي يعتمد في تطوره بصفة رئيسية على المعلومات و الحاسبات الآلية و شبكات الاتصال؛ أي أنه يعتمد على التكنولوجيا الفكرية ،تلك الذي تضم سلعا و خدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة للمعلوماتية التي تقوم بإنجاز و تجهيز و معالجة و نشر و توزيع و تسويق هذه السلع و الخدمات[3].
أصل تسمية مجتمع المعلومات:
*رأى بعض الباحثين أن مجتمع المعلومات information society  قد جاء كنتيجة للصفة التي على العصر الذي نعيشه و هو عصر المعلومات.
*و من ناحية أخرى رخص بعض الباحثين إطلاق مصطلح -مجتمع المعلومات- على الحقبة الحالية من منطلق أن صناعة المعلومات هي ما يميز هذه الحقبة أي أننا ما نزال نعيش مرحلة المجتمع الصناعي.
* أما عالم الاجتماع فرانك ويبستر لاحظ أنه بالرغم من أهمية المعلومات في الحياة المعاصرة فهي ليست أكثر من أي ظاهرة مثل السيارات.
* و يرى أحد الكتاب السياسيين أن مصطلح مجتمع المعلومات أرقى من مصطلح مجتمع المعلومات الذي بدأ في السبعينيات فهو مصطلح غامض أما المعرفة فهي ذات دلالة.
*و في الأخير رأى مجموعة من الباحثين أن مصطلح المعلومات هو أكثر المصطلحات قولا في المرحلة التي نعيشها كما أن القمة العالمية للمعلومات المنعقدة بجنيف في ديسمبر 2003 استخدمت مصطلح مجتمع المعلومات كتسمية نهائية.[4]
الأسباب التي أدت إلى ظهور مجتمع المعلومات[5]:
ترجع أصول مجتمع المعلومات إلى تطوريين مرتبطين بعضهما البعض هما:
*التطور الاقتصادي طويل الأجل.
*التغيير التكنولوجي
التطور الأول: اعتمد كل مجتمع على مقومات ثابتة و أساسية مثال: اعتمد المجتمع الزراعي على الأرض والحيوانات والماء....الخ واعتمد المجتمع الصناعي على رأس المال والمواد الخام والطاقة جاء بعد ذلك دور المعلومات وشبكات الحاسبات ونقل البيانات ونظم الاتصالات والبرمجيات....الخ لتكون أول أسباب أو دعائم مجتمع المعلومات.
التطور الثاني: فقد ساهم في عملية التنمية الاقتصادية بشكل واضح، فإن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لها تأثيرها الواضح في النمو الاقتصادي.و يلاحظ أنه يمكن تطبيقها على نطاق واسع في ظروف مختلفة، كما أن إمكانياتها في تزايد مستمر، وفضلا عن هذا فإن تكاليفها تتجه نحو الانخفاض بصورة واضحة و قد دعا هذا بعض الاقتصاديين مثل كريس فريمان على القول بأن التكنولوجيا واضحة المعلومات و الاتصالات سوف تحدث موجة طويلة جديدة من النمو الاقتصادي لنشأة و تطور مجتمع المعلومات.
خصائص مجتمع المعلومات:
استخدام المعلومات كمورد اقتصادي تعمل فيه معظم المؤسسات و الشركات على استخدام المعلومات لزيادة الكفاءة الإنتاجية في العمل و تنمية التجديد و الابتكار و هناك الآن اتجاه نحو إنشاء شركات معلومات لتحسين اقتصاد الدولة
استخدام معظم أفراد المجتمع للمعلومات بشكل مكثف سواء كانوا منتجين أو مستهلكين للمعلومات و إنشاء مراكز نظم المعلومات التي توفر فرص أفضل للتعليم
ظهور قطاع المعلومات كقطاع مهم من قطاعات الاقتصاد، فهناك كثير من الدول أصبح فيها قطاع إنتاج المعلومات و تجهيزها و توزيعها نشاط اقتصادي رئيسي[6].
مكونات قطاع المعلومات[7]:
1/  صناعة المحتوى ألمعلوماتي: ذلك عن طريق المؤسسات الموجودة في كل من القطاع العام و الخاص و المسؤولية عن إنتاج الملكية الفكرية للأفراد ثم شركات الإنتاج التي تأخذ الملكية الفكرية الخام و تقوم بتجهيزها و بيعها للأفراد و مستهلكي المعلومات و فئة المهتمين بجمع المعلومات.
2/ صناعة تسليم أو بث المعلومات: و هم المسؤولون عن تسليم المعلومات و ذلك عن طريق شركات الاتصالات بعيدة المدى و شبكات التليفزيون و الأقمار الصناعية و محطات الراديو و أيضا بائعي الكتب و المكتبات و مراكز المعلومات.
3/ صناعة معالجة المعلومات: تقوم هذه الصناعة على منتجي الأجهزة و منتجي البرمجيات، حيث يتولى منتجوا الأجهزة تصميم و صناعة و تسويق الحاسبات و أجهزة الاتصالات و الالكترونيات و هذه الفئة المعنية بإنتاج البرمجيات و نظم التشغيل  windows,Unix[8].
أهمية خدمات المعلومات:
1.    توفير خدمات المعلومات التي تناسب احتياجات المستفيدين.
2.               الإحاطة السريعة بمصادر المعلومات.
3.               متابعة وفهم احتياجات المستفيدين التي تتغير تبعا لتغير ظروف الحاجة إلى المعلومات.
4.               مراعاة الدقة في تقديم المعلومات.
5.               تلافي النقص في المعلومات الناتج عن تشتت الإنتاج الفكري في أوعية النشر المتعددة[9].
دور المكتبات في مجتمع المعلومات:
تؤدي المكتبات دورا مهما في بناء مجتمع المعلومات و دعمه و يظهر ذلك من خلال أنها تمثل نقطة الربط بين الباحث عن المعلومات والمعلومات نفسها و من هنا تأتي أهمية المكتبات و كمثال على ذلك المكتبة العامة التي تضم الأهداف التالية:
·  قدرة الجميع إلى النفاذ إلى المعلومات و المعرفة باعتبارها مفتوحة للجميع بصرف النظر عن الجنس أو المستوى[10] .
·  تؤدي دورا أساسيا في التعلم و التعليم بجميع مستوياته و ذلك من أجل اكتساب المهارات و المعارف اللازمة لفهم المجتمع.
·       هي المركز التعليمي الذاتي لجميع الأفراد مدى الحياة باعتبارها مفتوحة للجميع.
·  تلعب دور في أمن المعلومات و حماية الملكية الفكرية و هي لا تسمح بانتهاك الحقوق الشخصية الخاصة بأفراد المجتمع.
·       تشجع على الحوار بين الثقافات و تأكيد التنوع الثقافي من خلال فهم و إدراك مختلف المعتقدات.
·       تعمل على إتاحة المعلومات بجميع أشكالها لجميع المواطنين.
·       مركز وصول عام يحتوي على منافذ وصول عامة للمواطنين.
·       لها علاقة بين الخدمة الاجتماعية التي تكمن في وحدة الهدف و المتمثل في الرقي بالفرد و المجتمع .
·       لها دور في تسويق المعلومات و المعرفة بصفة عامة .
·       المكتبات تناهض الإرهاب الفكري من خلال إجراءات الاقتناء وسياسة التزويد.
كما يجب على المكتبات بناء منظومة إدارة معرفة لضمان سيرورة إدارة المعرفة؛ وتبدأ سيرورة العمليات هذه بالبحث عن المعرفة، ثم اختيارها فتصنيفها وتنظيمها لتسهيل نشرها وتبادلها ومن ثم استعمالها، ويبقى الهدف الأساسي لها هو إعادة استعمال المعرفة لإنتاج معرفة جديدة هي نتاج لتلاقح المعارف واستعمالها الميداني[11].
وعلى المكتبات اعتماد التكنولوجيات في كافة نشاطاتها إذ أن التكنولوجيا ترتبط بكافة مراحل سيرورة إدارة المعرفة وعليها اختيار الملائم منها لتحقيق أهدافها[12]:
-       اختيار البرامج والمعدات الملائمة.
-       توفير بنية تحتية تكنولوجية ملائمة.
-       خلق موقع انترنت يمكن من حفظ المعرفة وتسهيل الولوج إليها.
-       توفير إمكانيات لولوج كل فرد للمعرفة حسب احتياجاته.
دور تكنولوجيا المعلومات في بناء مجتمع المعلومات:
لقد اشتد الشعور يوماً بعد يوم بأن تكنولوجيا المعلومات قضية اجتماعية ينبغي أن تُدرس أبعادها المختلفة في سياق كيان اجتماعي واسع عريض، وعلى رأس تلك الأبعاد البعد الثقافي والبعد السياسي. فهذه التكنولوجيا تنزع نزوعاً متزايداً إلى تقرير سلطة مراكز القوى الأساسية حكومية كانت أو خاصة، ومراكز القوى هذه تملك القدرة على التنبؤ بالأحداث والتخطيط لها، وتملك كذلك القدرة على التأثير في مجراها عن طريق تكنولوجيا المعلومات وما لا يملكه الأفراد أو الجماعات من المعلومات أو الأخبار سوى نتف مبعثرة، ويزيد من خطرها ثقافياً وسياسياً نموها المذهل. وهذا ما لم نستشعره إلى حد الآن بحيث إن معايير السرعة والدقة والكمية تغيرت بتغير الوسائل. والمطلوب هو التكيف والنظر بجدية إلى العناصر التكنولوجية المعالجة للمعلومات وتداولها[13].
إن تكنولوجيا المعلومات تمثل إمكانية كبرى لتعميم الوصول إلى تعليم ذا جودة يطور التكوين الأساسي العالمي ويفتح الباب أمام وضع لبنات مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة مميزاً في ذلك التطور في ظل احترام الاختلافات الثقافية واللغوية[14].
الشركاء المحتملون للمكتبات العمومية في بناء مجتمع المعلومات:
1/ الجامعة:
لقد كانت الجامعة دوما سباقة في إدماج وتبني تكنولوجيا المعلومات في أشغالها، فتطوير وإحكام السيطرة على هذه التكنولوجيات يوفر للجامعات عدة امكانات جديدة للإجابة عن التحديات الراهنة التي فرضتها " القرية الكونية" يظهر خاصة في تحسين جودة التعليم ونشر المعلومات وضمان الوصول الواسع إليها. ومع ذلك يجب الإشارة هنا إلى أن فوائد ومنافع تكنولوجيات المعلومات والاتصال ليست موزعة بطريقة عادلة في العالم وهذا يمكن إرجاعه إلى الأسباب الثقافية والاقتصادية للبلدان[15].
2/ السلطة[16]:
يجب أن تحث سياسات الدولة على تبني التكنولوجيا كوسيلة للحصول ونقل المعلومات بطريقة واسعة وسهلة وتتجاوز فكرة " إن المعرفة هي أداة من أدوات السلطة والرقابة ولا مجال للمشاركة فيها"[17]. وعليها:
·  توفير الصلاحيات الضرورية لاستعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال من قبل أعضاء المجموعة الأكاديمية والموظفين المكتبيين والإداريين.
·  الحفاظ على التعدد الثقافي على مستوى الوسائل التربوية والبحثية في ظل العولمة المتسارعة للتعليم العالي المدعمة بتكنولوجيات المعلومات والاتصالات.
3/ المجتمع:
على المجتمع أن تكون له قابلية التكيف ومسايرة التطورات الحاصلة في جميع ميادين حياته.


البيبليوغرافيا:
 محمد فتحي عبد الهادي . المعلومات و تكنولوجيا المعلومات على أعتاب قرن جديد ._ القاهرة : الدار العربية للكتاب ، 2000.
غالب عوض النوايسة . خدمات المستفيدين من المكتبات و مراكز المعلومات ._عمان : دار صفاء للنشر ،2002


[1]- محمد فتحي عبد الهادي. المعلومات و تكنولوجيا المعلومات على أعتاب قرن جديد. القاهرة : الدار العربية للكتاب، 2000.
[2] - قاسم، حشمت: علم المعلومات بين النظرية و التطبيق، دار غربي للطباعة. القاهرة، [د. ت]. ص 75.
[3] - نريمان، متولي، اقتصاديات المعلومات، القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1995، ص 72.
[4] - عبد الهادي، محمد فتحي: مجتمع المعلومات بين النظرية و التطبيق، الدار المصرية اللبنانية. القاهرة، 2007. ص105.
[5] - قنديلجي عامر إبراهيم، إيمان فاضل السامرائي، تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها. عمان: الوراق، 2002. ص 48.
[6]- محمد فتحي عبد الهادي. المعلومات وتكنولوجيا المعلومات على أعتاب قرن جديد . القاهرة: الدار العربية للكتاب ، 2000
[7]- " دور أخصائي المكتبات في تنمية الوعي الثقافي للمجتمع من خلال المكتبات العامة". مؤتمر الإتحاد العربي للمكتبات والمعلومات. الإسكندرية، ديسمبر 2004. متاح على الخط:
http://theinformationway.blogspot.com/2007/01/blog-post_17.html تاريخ الزيارة: 05/10/2014/12.00
[8] - محمد فتحي عبد الهادي . المعلومات و تكنولوجيا المعلومات على اعتاب قرن جديد ._ القاهرة : الدار العربية للكتاب ، 2000
[9]- غالب عوض النوايسة. خدمات المستفيدين من المكتبات و مراكز المعلومات. عمان: دار صفاء للنشر، 2002
[10]- اليافي، شادن: الإنسان و المعرفة في عصر المعلومات، دار العبيكان. الرياض،2001. ص40.
[11] - سعيد المستفيد. " من أجل سياسة عامة لإدارة المعرفة بالإدارة العمومية. المؤتمر العشرون للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات اعلم. ص 1091.
[12] -نفسه  ص 1099.
[13]- كمـال بطـوش. "المكتبـات العامـة الجزائريــة: مقاربة سوسيو معلوماتية لفضاءات ثقافية معرفية". ورقـة مقـدمـة لنــدوة" المكتبات العامة في المملكة: تحديات الواقع وتطلعات المستقبل". قسم علوم المكتبات والمعلومات، كلية الآداب، جامعة الملك سعود المملكة العربية السعودية.
[14] - عبد الرزاق المقدمي. التكوين في علوم المعلومات والتوثيق في بلدان المغرب العربي تحت التطور الجارف للتكنولوجيات الرقمية. ص3.
[15] - نفسه. ص 4.
[16] - عبد الرزاق المقدمي . ص 5.
[17] - سعيد المستفيد. " من أجل سياسة عامة لإدارة المعرفة بالإدارة العمومية. المؤتمر العشرون للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات اعلم. ص 1091.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق